[LCM Articles] Ghazaleh: The Kurd Who Ruled Lebanon (in Arabic)

Loai Naamani loai at MIT.EDU
Tue Apr 5 17:24:05 EDT 2005


http://www.metransparent.com/texts/shiraa_magazine_letter_to_rostom_ghazale.htm

 

3 أبريل 2005

 

 

مجلة "الشراع": رسائل من رئيس التحرير إلى...رستم غزالة الكردي الذي حكم لبنان

 

لم يكن الأصل الكردي للشاب رستم غزالة حائلاً دون دخوله الجيش العربي السوري حتى يصل إلى أعلى مرتبة أمنية وعسكرية فاعلة في كل سوريا وهي
رتبة الحاكم العسكري الأول للبنان، البلد الذي اعتبره النظام في دمشق جائزته الوحيدة خلال 30 سنة سلفت ولا يجاريه فيها فاعلية إلا رتبة
رئيس الجمهورية العربية السورية حافظ ثم بشار الأسد بصفة الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية.

 

فقد سبق غزالة من الأكراد السوريين من وصل منهم إلى أعلى المراتب السياسية والوطنية والقومية والفكرية والحزبية في سوريا، فكان ابراهيم
هنانو الكردي قائداً للحركة الوطنية في كل سوريا ضد الاستعمار الفرنسي وكان خالد بكداش الكردي رئيساً للحزب الشيوعي في لبنان وسوريا معاً
وكان يوسف العظمة الكردي قائداً لمعركة ميسلون الشهيرة التي استشهد فيها القائد السوري في مواجهة الاستعمار الفرنسي وكان عبد الرحمان
الكواكبي الكردي صاحب أهم ما كتب تعبيراً عن استبداد الحكام تحت عنوان طبائع الاستبداد.. (لكأن الكواكبي وضع هذا الكتاب هدية لقرينه
الكردي ونظامه كله).

 

كان نسيج المجتمع السوري يحتمل التنوع العرقي والإثني (بأغلبية عربية وإسلامية حاسمة) مثلما يحتمل التنوع السياسي والحزبي والثقافي، وما
زالت سوريا منذ عهود الاقطاع والرأسمالية الناشئة والحياة الديموقراطية وعصر الوحدة العربية حتى بعد 42 سنة من حكم مستبد جاء مع تسلم حزب
البعث العربي الاشتراكي للسلطة في سوريا (والعراق حتى 2003) هي البلد العربي الوحيد الذي يدخلها العربي دون تأشيرة دخول، وما زال كل عربي
قادراً على العمل فيها دون إذن مسبق والتملك دون قرار وزاري والاستثمار دون عقبات (نظرياً طبعاً) وكانت سوريا الديموقراطية سابقاً انتخبت
اللبناني فارس الخوري رئيساً للوزراء، وقبلت اللبناني شوكت شقير رئيساً للأركان واللبناني عفيف البزري قائداً للجيش السوري..

 

ولم يكن الضابط الأمني رستم غزالة ليحلم أن يصبح المرجع السياسي والأمني والإداري والدبلوماسي والعسكري والاستثماري لكل من يريد قراراً
في كل هذه المجالات في لبنان البلد الذي جاء إليه أقرانه عمالاً في الورش التي بنت لبنان خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.

 

ولم يكن الضابط رستم غزالة ليتصور ان يحقق حلماً آخر طالما راوده عندما كان تلميذاً في مدرسة قريته في حوران ان يضع ساعة ذهبية في يده
اليسرى أو سلسلة حول رقبته بعد ان أشبع هذا الحلم في لبنان بهواية جمع سبائك الذهب حتى حين ينخفض سعره نتيجة اكتشافات الحقول الهائلة في
الولايات المتحدة ثم روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

 

ولعل الضابط الأمني رستم غزالة يدرك في أعماق نفسه مثلما يعلم الكثيرون ان هذا الحلم كان أشبه بالمستحيل داخل سوريا، وانه لم يكن ليتحقق
لو لم يختره العميد غازي كنعان مساعداً له في بيروت رئيساً لفريق المراقبين السوريين بعد العام 1987 ناقلاً إياه من رتبة ضابط الفصيلة
الأمنية في بلدة حمانا الوديعة عند عتبة البقاع الواصلة بين محافظته ومحافظة جبل لبنان، حيث أحبه الناس لدماثة خلقه وطيب معشره وتعففه
وهي صفات سابقة على نقله إلى بيروت التي تغوي حتى الملائكة كما وصفها وليد جنبلاط سابقاً.

 

لم تكن ثقة العميد – اللواء غازي كنعان هي الوحيدة التي أهلت غزالة لتحقيق حلمه، ولم يكن فقط الدور السوري في لبنان المتصاعد منذ العام
1976 حتى يوم 14/2/2005 حين بدأ العد العكسي لهذا الدور مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري بل لعل كل هذا لم يكن ليتحقق لولا سلوكية
الانتهازية والنفاق والكذب والجبن والجموح والطموح التي ميزت فئة من المتعاطين في الشأن العام اللبناني سواء من كان سياسياً أو حزبياً أو
اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً أو عسكرياً أو ثقافياً أو إعلامياً.

 

هذه السلوكية اللبنانية التي كادت تكون الزلزال الذي يدمر كل القيم والأخلاق والوطنية اللبنانية هي التي مكنت غزالة وكل طاقم الإدارة
السورية للبنان قبل غزالة بل ومنذ العام 1989 من تحويله إلى أقل من محافظة سورية يحكمها ضابط أمني سوري ويختار لها موظفيها رؤساء
الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي ويملأ سلطتها التشريعية بالأتباع ويملأ الأجهزة الأمنية بالمخلصين لها ويملأ حكومتها بالوزراء الذين
يكتبون له التقارير ويملأ الإدارة بمن يسهل له كل ما يريد، ويعين السفراء ورؤساء الجامعات ومدراءها وعمداءها.

 

هذه السلوكية اللبنانية الانتهازية حولت الضابط السوري الطموح والجموح والآدمي واللطيف إلى إله يحكم بقدرة لا ترد (رب غفرانك) حتى ليعجز
أي متولٍ لمسؤولية سورية في لبنان ان يصمد أمام تحقيق ما يريد وحوله وكيفما توجه وأياً من استقبل يقول له ((شبيك لبيك نحن عبيد بين
يديك)).

 

هذه السلوكية الجبانة جعلت أعلى الشخصيات اللبنانية مرتبة (رئيساً أو وزيراً أو نائباً أو قاضياً أو رئيساً لجهاز أمني أو سلك قوى أمن
داخلي أو مديراً عاماً.. يمدون قاماتهم كي يعبر عليها الحاكم الأمني السوري في لبنان، ويطأطئون رؤوسهم حين يستمعون إلى الشتائم والسباب،
وهم يخطئون في مهمة أو تصريح أو موقف أو زيارة أو فشل في صفقة مالية..

 

البعض كان يقول عن حسن نية أو جهل أو تنظير إن هذه السلوكية اللبنانية الانتهازية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن الانحراف الذي وسم سلوك
معظم جهاز الأمن السوري والعسكري وكل من طال سلطة أو نفوذاً سورياً في لبنان حتى قيل ان هذه السلوكية لم تكن لتترك فرصة حتى للملائكة أن
يعصموا أنفسهم عن الانحراف فكيف بضباط أمن أو جنود أو ضباط كانوا مكبوتين في وطنهم ونظامهم ومجتمعهم فجاؤا إلى لبنان حيث الدلال والمال
والجاه والعزومات والهدايا والشقق والصفقات والخضوع والنساء والأرصدة والسيارات.. حتى ان الرئيس الراحل حافظ الأسد وفي رده على من طلب
منه مرة التنبه إلى ما يجري على الساحة اللبنانية بما يطال سمعة الجيش السوري والسلطة السورية قال: وهل تظنني سعيداً وأنا أسمع وأقرأ
التقارير عن أوضاع الجيش السوري وضباطه وأمنه في لبنان..

 

ان هذا الأمر (والكلام للرئيس الأسد الأب) يجعلني أبذل جهداً مضاعفاً لإعادة تأهيل جيشي وتدريبه حين تعود كل قطعة منه من لبنان إلى
وطنها.

 

ولكن الرئيس الأسد الأب يتابع: وماذا أفعل إذا كان السياسيون اللبنانيون يأتون إليّ كالقطعان (أي كالغنم) يطأطئون رؤوسهم ويتبارون في
المديح والغزل بالسلوك السوري في لبنان وسياستنا ودورنا، حتى إذا سمعت ملاحظة مجرد ملاحظة من أحد لم تكن هذه إلا من أجل الطعن في منافس
أو غريم وإظهار الطمع في منصب أو دور أو مهمة.

 

كل هذا صحيح

 

والصحيح أيضاً ان طبيعة النظام الأمني الذي أقامه الرئيس حافظ الأسد في سوريا منذ العام 1974 وورثه ابنه الدكتور بشار منذ العام 2000 لم
تكن لتقبل لا نقاشاً ولا حواراً ولا اعتراضاً على أي أمر سوري صدر في دمشق وسعى الحاكم الأمني السوري لتنفيذه في لبنان..

 

ولقد عوّد الحاكم الأمني السوري كل اللبنانيين سياسيين وغيرهم على الطاعة ثم الطاعة ثم الطاعة.. ونفذ ولا تعترض.. وحسب الطاعة تكون
المكافأة، أما مجرد النقاش قبل الطاعة فقد خبر نتائجه كثيرون وأقلها خسارة موقع او صفقة او دور أما الاخطر فهو المصير الذي لقيه كمال
جنبلاط وحسن خالد ورينيه معوض وأخيراً رفيق الحريري.

 

لقد كان من اساليب رستم غزالة في التعامل مع السياسيين اللبنانيين الاتصال بهم هاتفياً وشتمهم وإهانتهم ثم يقول لهم بعد الشتائم
والاهانات: هناك صديق قريب الآن يريد ان يكلمك في اعلان صريح بأن الشتائم والاهانات تمت بوجود شهود لكي يرووا ما سمعوا.

 

حصل هذا في اتصال هاتفي اجراه غزالة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأكثر من مرة.

 

وحصل ايضاً ان اتصل غزالة بالزعيم وليد جنبلاط مهدداً اياه متوعداً شاتماً ساباً ثم ليكتشف جنبلاط بعد ذلك ان هذا الحوار الهاتفي مسجل
وان غزالة وزعه شريطاً لعدد من السياسيين والاعلاميين.

 

على الجانب الآخر كان رستم غزالة وفي لحظات الود النادرة مع رفيق الحريري يبدي إعجاباً شديداً بشخصية رئيس وزراء لبنان ناقلاً إليه إعجاب
كل أفراد عائلته والأقارب لهذا الرجل الكبير قائلاً له في كل مرة: يا دولة الرئيس ما هذا الذي تفعله بي؟ ففي كل مرة أزور فيها البلد (حيث
بنى غزالة قصراً منيفاً مشهوداً..) أجد أفراد أسرتي وأقاربي يتحلقون حولي يسألون عنك ويدافعون عن أعمالك حتى عندما تكون سوريا غاضبة
عليك.. وكان الحريري رحمه الله يكتفي بالابتسام لكن عينيه كانتا تلمعان تعبيراً عن الفرح الطفولي الذي لا يستطيع اخفاءه عندما يسمع إطراء
بهذا النوع خاصة من الذين كان مقتنعاً انهم لا يحبونه.

 

لكن أحداً لم يتعرض لمثل ما تعرض له رئيس مجلس إدارة محطة مرئية ((الجديد N.T.V)) تحسين خياط، الذي لم يسبقه أحد في لبنان في كشف المستور
في سلوك رستم غزالة، في جلسات عامة وخاصة متحدثاً في أخطر المعلومات عن وثائق تدين أبو عبدو بتلقي رشاوى من بنك المدينة بواسطة رنى
قليلات وشقيقها طه وسيارات بالعشرات وهدايا أخرى (كان غزالة يبيع هذه السيارات لتاجر بيروتي لديه معرض في منطقة الروشة كافأه غزالة بعد
ذلك بالمجيء بشقيقه عضواً في المجلس البلدي لمدينة بيروت.. ومكافآت غزالة السياسية مشهودة حتى ان أستاذاً في إحدى الجامعات كتب له رسالة
الدكتوراه وعده غزالة بتعيينه وزيراً أو نائباً أو عضواً في مجلس بلدي بعد نجاحه المشهود في الحصول على الدكتوراه في يوم خلت فيه دكاكين
بيروت من ورود التهنئة التي أرسلت بالمئات إلى غزالة من المهنئين الذين تسابقوا للإشادة بعلمه وثقافته!!)

 

كانت أحاديث خياط تصل بالطبع إلى غزالة وبعد دقائق من قولها أمام أي كان، وكان الأخير يرسل إلى خياط يطلب منه وقف الحديث عنه، وخياط يرفض
حتى ان الأخير هدد بنشر بعض هذه الوثائق مصورة عبر شاشة المحطة المرئية أرضياً وفضائياً. هنا جن جنون رستم، فبادر بالاتصال الهاتفي عبر
الخلوي بخياط مهدداً إياه بالافتعال به جنسياً وبعائلته و.. ليرد خياط بالكلام البذيء نفسه، فيسمع من غزالة تهديداً باعتقاله خلال ساعة.

 

كان خياط مجتمعاً في أحد أيام شهر ك1/ديسمبر 2003 يوم سبت في الساعة الثانية بعد الظهر مع ثلاث شخصيات إحداها كبيرة ومعروفة فاجأها بحملة
الشتائم هذه فتحدث معها عن غزالة وتهديده ثم انصرف بسيارته المموهة إلى منـزله ليجمع حقائبه استعداداً لسفر مقرر سابقاً فاتصل من منـزله
في الدوحة بصديقه وزير الدفاع يومها محمود حمود عبر الخلوي وكان الأخير في المطار لسفر آخر طالباً منه أن يرسل إليه مرافقه العسكري دون
الإفصاح عن سبب ذلك، ولم تمضِ دقائق حتى كان المئات من عناصر وضباط الجيش اللبناني قد أحاطوا بمبنى المحطة  المرئية في وطى المصيطبة
ومنـزل خياط في الدوحة يبحثون عن وثائق مطلوبة نقلوا إليه انها مزورة ومنها جوازات سفر، مصطحبين خياط إلى سجن في وزارة الدفاع في زنزانة
قريبة من زنزانة قائد القوات اللبنانية د. سمير جعجع معصوب العينين موثوق اليدين، وهو يعيب على المعتقلين هذا الأسلوب الذي لا يليق
بالعسكرية اللبنانية الخاضعة لنفوذ ضابط أمني سوري مرتشٍ.. خاصة وانه اعتقل بأوامر منه والتهمة الجاهزة هي العمالة لإسرائيل فيصدر فيها
بيان رسمي عن مديرية المخابرات في الجيش برئاسة ريمون عازار المكلف من رستم غزالة بهذا التدبير المخيف.

 

وقبل اعتقاله كان تحسين خياط قد اتصل برئيس الجمهورية العماد إميل لحود واضعاً إياه في صورة تهديد غزالة له متصلاً أيضاً هاتفياً
بالرؤساء حسين الحسيني وسليم الحص وعمر كرامي ود. كرم كرم (وزير الصحة في حكومة الرئيس رفيق الحريري يومها).

 

كان تحسين خياط على خصومة سياسية شديدة في الوقت نفسه مع الرئيس رفيق الحريري وكان عضواً غير معلن في التحالف الوطني الذي كان يضم
الرؤساء الحسيني والحص وكرامي والنائبين بطرس حرب ونائلة معوض وألبير منصور قبل ان يؤلف كرامي حكومته بعد التمديد القسري لإميل لحود
فيوارى التحالف الثرى سراً دون مراسم.

 

لكن اول من استقبله خياط في زنزانته في الطابق الثاني تحت الارض وفي اليوم التالي أي الاحد وزير الدولة في حكومة الحريري قبل التمديد
وأحد اتباع رستم غزالة عبدالرحيم مراد الذي جاء يقنع خياط بلفلفة القضية وعدم تصعيدها والتوجه معه لزيارة رستم وانهاء الموضوع فما كان من
خياط الا ان انفعل في حملة شتائم ضد رستم طارداً عبدالرحيم مراد من زنزانته معنفاً اياه قائلاً ((يا عيب الشوم، يا ابو حسين ما حدا منكم
عنده كرامة، كيف راضي على حالك هالدور، روح قول لمعلمك انا مش طالع من هون وخليه يشوف شو راح اعمل فيه..)).

 

 خرج مراد من زنزانة خياط محبطاً خائفاً من فشله امام رستم الذي ارسل الى خياط صديقه الآخر عمر كرامي (الرئيس) مصطحباً معه طارق فخرالدين
الذي امضى ساعتين مع خياط محاولاً اقناعه ايضاً بزيارة رستم في عنجر لانهاء القضية وخياط رافضاً حتى وجد كرامي صيغة ان يتوجه خياط الى
منـزله مع وعد بعدم نشر الوثائق ويتحدث معه بعد ذلك رستم غزالة هاتفياً.

 

 كان خياط علم ان مخابرات الجيش اللبناني وضابط امن سوري ارسلهم جميعاً رستم غزالة الى منـزله في الدوحة قد صادروا وثائق من خزنة خياط،
وان غزالة سيكتفي بهذا القدر خوفاً على نفسه وقد أمنها اثر الاستيلاء على هذه الوثائق، دون ان يعلم ان خياط يحتفظ بوثائق اخرى وبيانات
ومعلومات تدين رستم غزالة.. حتى ان خياط وبعد خروجه من السجن طبعاً طلب من محاميه اعداد دعوى قضائية ضد غزالة وعازار ومن يثبت التحقيق
تورطه في هذه الحملة المدبرة ضده شخصياً في اعتقاله ومحاولة تشويه سمعته وتهديده فضلاً عن ادعاء عام (إخبار) في سرقة المال العام.

 

 لقد دمج رستم غزالة بنجاح بين رصيد السلوكية الجبانة والنفاق والانتهازية اللبنانية تحت قدميه ورصيد النهج الذي عشش في عقله وقلبه
ومشاعره حاملاً اياه تربية وثقافة وممارسة من نظامه الذي كلفه ادارة لبنان بأسلوبه فكان الحاكم المطلق مثلما كان سلفه اللواء غازي كنعان
حتى مع الفارق بين الشخصيتين.

 

 كان غازي كنعان مديراً لمدرسة تحكم اوضاع لبنان وتفرض منهجها الدراسي على الجميع، وكان رستم غزالة واحداً من اساتذتها، فلما احتاج
النظام في سوريا المدير غازي كنعان لدور شديد الاهمية في نظامه نفسه تسلم الاستاذ غزالة مكان المدير وظل طيلة ثلاث سنوات يجاهد كي يثبت
وجوده بديلاً ناجحاً عن المدير وسبب له ظل غازي كنعان الثقيل هاجساً وكابوساً لم يكن ليتخلص منه رغم الدعم غير المحدود الذي حصل عليه من
رأس النظام الاعلى الرئيس بشار الاسد نفسه الذي أشغل كنعان بمهمة مزدوجة للنظام وهي حفظ الامن الداخلي وخاصة في مرحلة تحرك منظمات او
منتديات المجتمع المدني واعطاء خبرته في مواجهة التحرك الكردي المتحمس والمندفع من زلزال العراق وآثاره ((الايجابية)) على الوضع الكردي
في بلاد الرافدين.. فضلاً عن خبرته في تثمير الهدوء الذي ساد في العلاقات السورية – التركية.

 

 وسار غزالة على نهج كنعان ورجاله بالممحاة يمحو اثر وواقع كل علاقة لأي سياسي او امني لبناني معه ومن اعترض – او تلكأ - في اظهار الولاء
له شخصياً جابهه رستم غزالة بالحرم، حتى استسلم الجميع وتربع غزالة وحيداً على رأس السلطة اللبنانية بواسطة الاتباع رؤساء ووزراء ونواب
وقضاة ومديرين عامين ورؤساء اجهزة.. مع استثناءات كان ابرزها حالة مدير عام الامن العام اللواء جميل السيد الذي لم يعد يمر على رستم في
عنجر بل اصبح له هناك في قصر المهاجرين حظوة لا تعلوها إلا حظوة سليمان فرنجية المميزة.. كما اميل لحود.

 

 لقد وصلت سلطة رستم في لبنان حد فرض رقابة على حركة اللواء غازي كنعان وهو وزير داخلية سوريا حين زار لبنان للاطمئنان على صحة ولده يعرب
بعد عملية جراحية للقلب اجريت له في مستشفى ((اوتيل ديو)).

 

 وكانت سلطته – كما كتبنا – مستمدة من الرئيس بشار الاسد الذي ابلغ الجميع وعلناً ان باب دمشق يمر من عنجر حيث رستم غزالة.. قالها الاسد
لرفيق الحريري عندما أمره بالتجديد للحود حتى لا يكون ضده شخصياً، وأبلغه لوليد جنبلاط عندما طلب الحوار معه مخيّراً اياه بين ان تكون
معي فتؤيد لحود او تكون ضد لحود فتؤيد اسرائيل!!!.

 

واذا كان الشهيد الحريري – رحمه الله – استسلم بعد لقائه الشهير مع الاسد قبل التمديد وتراجع عن كل ما كان يقوله علناً من رفض ومعاندة
بعد ان سمع خلال مقابلة لم تستمر الا دقائق معدودة وعلى الواقف تهديداً حاسماً اذا كنت انت ووليد جنبلاط وجاك شيراك تظنون انكم يمكن ان
ترغموني على الانسحاب من لبنان فإني والكلام لبشار الاسد مع رفيق الحريري، سأهدم لبنان على رؤوسكم ورؤوس اولادكم قبل ان انسحب!!! وعرّج
الحريري على عنجر ليسمع من غزالة ما يجب ان يكون، فإن جنبلاط الذي استقبل رستم وسمع منه ما يفيد فتح الحوار معه بعد رفض التجديد للحود
قال علناً انه لن يحاور سوريا عن طريق ضابط امن مهما علت رتبته مع احترامه لموقعه.

 

 ولعل الحدثين اللذين رسما الآن مصير رستم غزالة هما موقف وليد جنبلاط واغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي تكامل الحدثين ما يفيد بداية
العد العكسي له وللوجود الامني السوري في لبنان رسمياً وعملياً رغم المعاندة التي يبديها جهازه في لبنان بعد صدور قرار الانسحاب العسكري
والامني السوري من لبنان، من خلال اجهزة الامن اللبنانية ومن خلال المخبرين وزراء ونواباً ورؤساء.. ومن خلال الانتقال السري الى شقق
ومنازل سرية لعناصره والعمل داخل مكاتب الاحزاب التابعة لها، ومن خلال التمترس العلني في بعض احياء الضاحية الجنوبية لبيروت في حضن حزب
الله تحديداً.. وحركة امل.

 

 كان زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري بارتداداته عكس كل تصورات الجهاز الامني السوري – اللبناني الذي تصور للحظة ان غياب الحريري بهذه
الصورة البشعة سيرعب كل لبنان سياسيين ومواطنين ومجتمعاً مدنياً ومثقفين واعلاميين.. لكن انتفاضة الاستقلال التي فجرها هؤلاء انقلبت على
كل من قرر وخطط ونفذ وموّه وضلل في هذه الجريمة البشعة بعد ان كسرت الانتفاضة بشبابها واحزابها والتفاف الوطن كله حولها عدا المستفيدين
من الجهاز الامني اياه حاجز الخوف وانطلقت حناجرها تعبر عما في صدورها من كبت وفي وجدانها من مشاعر وفي ضميرها من صحوة لإنقاذ الوطن
والمصير والمواطنين والمستقبل.

 

 وكان لا بد من كبش فداء رسمته الناس صوراً في الشوارع وفي التظاهرات وفي الهتافات وفي المواقف وفي المقالات وفي الحوارات.

 

 واذا كان الصراع في لبنان بدأ الآن داخل صفوف السلطة وأجهزتها الامنية حول من يجب ان يطاح برأسه لينجو الآخرون او النهج فإن مصير رستم
غزالة ليس بعيداً عن التضحية في حسابات النظام السوري، والسباق الآن حول من يجب التضحية به في لبنان اميل لحود ام جميل السيد ام رستم
غزالة مع آخرين؟

 

 وإذا سحب غزالة الى سوريا تمهيداً لمحاسبته على فشل صنعه امنياً واخلاقياً مشاركة مع آخرين في سوريا صنعوه سياسياً واستراتيجياً، فإن
غزالة هو المسؤول السوري الاول الذي اقيمت ضده دعوى قضائية في لبنان (وفي سوريا) بتهمة الاعتداء على حقوق مواطن هو رئيس مجلس ادارة محطة
((الجديد)) المرئية (N.T.V) تحسين خياط واعتقاله وتشويه سمعته بالزعم انه عميل صهيوني.. لماذا؟

 

وبالمناسبة فإن آخر ((انجازات)) غزالة في لبنان وتابعه عدنان عضوم هو اطلاق سراح رنى قليلات لما تملكه من معلومات عن رجال السلطة
لبنانيين وسوريين الذين تقاضوا منها المال والرشاوى والهدايا شققاً وسيارات وأرصدة.. عن طريق موقعها في بنك ((المدينة)).. والبعض يعتبر
ان اخراجها سبق خروج غزالة من لبنان حتى لا تقع في يد السلطة التي ستكلف الايدي النظيفة من القضاة للتحقيق معها.

 

 وعندها ستتدحرج رؤوس ((كبيرة)) او على الاقل ستنكشف في لبنان وسوريا فأي مصير لرنى بعد خروجها من السجن في لبنان؟ هذا ما ستكشفه وقائع
الاسابيع المقبلة.

 

 لقد وصلت الامور الى خواتمها، وربما بات على كثيرين ان يبدأوا ليس تحديد المصير وقد رسم امام اعينهم، بل العمل على تحجيم الخسائر. فالذي
حقق كل هذه الاحلام لا يمكن ان يسمح لكابوس ان يمحوها مهما طال.. وهذا ما يجري من إرعاب في ليالي لبنان الآن.. ولعله تمرد النـزع الاخير.

 

(مجلة "الشراع"، 4 نيسان 2005)

http://www.metransparent.com/texts/shiraa_magazine_letter_to_rostom_ghazale.htm

 

-------------- next part --------------
An HTML attachment was scrubbed...
URL: http://mailman.mit.edu/pipermail/lebanon-articles/attachments/20050405/9bf0d11b/attachment.htm


More information about the Lebanon-Articles mailing list