[LCM Articles] ashkalu marwa7een

Rabih Zbib rabih at MIT.EDU
Mon Jul 17 19:24:55 EDT 2006


*
اشكال
مروحين *

   عباس بيضون

  *لا أعرفكم لكني أعطيكم وجوهاً اعرفها: وجه أبي، وجه أمي، وجه أخي، وجه زاهي
وعبد اللطيف وعماد، اعطيكم اسماء اعرفها: اسم ابني واسم ابنتي واسماء ابناء
وبنات أصدقائي وجيرتي. مع ذلك لا أجرؤ على ان انظر كيف تختنق الحياة في قطعة
اللحم وكيف تتحوّل الحياة وحلة دم، لا اجرؤ على ان انظر. النهار القصير الذي
عشتموه لم يكن أطول من عمر فراشة، فكيف ترك كل هذه البقايا وماذا نفعل بكل هذه
الرمم، نقيم منها مناراً او حائطاً. ماذا نفعل بأنفسنا إذا غدونا في لحظة فائض
هذا العالم، إذا بقينا ثقلاً وردماً على الأرض، إذا صارت ذاكراتنا كيساً
واسماؤنا أحجاراً، إذا صارت قلوبنا كسراً وأفواهنا فخاراً وعيوننا زجاجاً، إذا
كانت صرخاتنا متجمّدة وأجسادنا مملؤة رصاصاً. ماذا نفعل بهذا الماء الثقيل في
عيوننا وقلوبنا، الماء الذي صبّ في جماجمنا ايضاً، حيث لن تخطر بعد نسمة ولا
ذكرى.، لا شيء سوى الساعة التي توقفت، سوى العتبة التي انكسرت، سوى الرسغ الذي
تجمد فيه القلق والخوف والشجاعة ايضاً، سوى عمود محطم، سوى سقوط عن السقف، سوى
سماء مكشوفة وطائرات، سوى خيط من دم ودعسات غائرة، سوى رقم مفتوح في الذاكرة
والعينين.
هل كان الأمان شيئاً يمكن استجداؤه من الطقس، هل كان حقاً حصتنا من الله.
هل نسأل عنه الجنادب في ثقوبها والحشرات في قراها، هل يتعلمه من الأشجار
والطيور؟ لماذا علينا اذن كل مرة ان نطوح بالعقال وان نعود بشارب مدمى؟ لماذا
علينا أن نتسوّل سقفاً كل مرة، أن نكون قسمتنا من الهواء والطبيعة مرة بهذا
الشكل؟ لماذا لا ننتظر الخريف كأشجارنا والشتاء كماشيتنا؟ لماذا يغدو الطقس
خائناً والشمس أكذوبة وتقتلنا السيجارة التي نشعلها والنافذة التي نفتحها؟
ولماذا تقتلنا حصتنا من الخبز وحصتنا من الله؟
الكاميرا تلعب بالجثث، إنها لا تخاف، أرفع عيني ضيقاً، هذه اثار أسنان
الدبابات، هذا هو مشط اللحم. لكني أرى رغماً عني تلك الجميلة، قاوم جمالها
بالتأكيد، هناك نظرية فنية جاهزة لذلك، لكني أتذكّر الاطفال اين صاروا، هل
وضعوهم في دلاء، لا أجد الألم، أصطك فقط، إنه لحمي يصطك. لحمي المقطع بلا سعر،
لا أجد شيئاً في داخلي، لا أجرؤ على أن افكر، لا أجرؤ على ان أحسّ، مَن لم
يستحق ما يُمنح لدودة الارض وللعصفور والحجر لن يستحق ان يتكلم وان يتذكر وان
يحمل اسماء إنهم يطردوننا من الطبيعة والطقس والله، انهم يساووننا بأسنان
الدبابات، يعوون بعيدا وقريبا، لكننا لا نسمع، اننا موتى.
للذين لا أعرفهم أعطيهم وجوهاً أعرفها، وجوه موتى أحببتهم، لكنهم يذهبون معاً
في الليل، يموتون مرتين. *
-------------- next part --------------
An HTML attachment was scrubbed...
URL: http://mailman.mit.edu/pipermail/lebanon-articles/attachments/20060717/f42c7130/attachment.htm


More information about the Lebanon-Articles mailing list